هل حاولت مرّة عزيزتي الأمّ أن تقيمي علاقة صداقة مع طفلك الوحيد؟ هل أنت تلبّين كلّ طلباته؟ هل لاحظت أنّ طفلك يميل للعزلة الإجتماعيّة وغير قادر على تكوين صداقات؟هل طفلك اتكاليّ؟
أسئلة كثيرة لو حاولتِ الإجابة عليها ستعرفين كيف تتعاملين مع طفلك الوحيد، وتكونين له الصديق الذي يبادر بالحكي له عند حدوث مكروه، وستساعدينه ليكون شخصيّة قياديّة، وعضوا فعّالا في مجتمعه.
فالطفل الوحيد تقابله العديد من المشكلات التي تعوقه وقد تجعله إنسانا عدوانيّا، أو إنطوائيّا، أوعصبيّا، وللتعرّف على المزيد حول الطفل الوحيد وأفضل طرق التعامل معه التقينا الدكتور عبد الله الملحم استشاريّ الطبّ النفسيّ، فكان هذا الحوار:
= س: دكتور، ما هي مشاكل الطفل الوحيد؟
ج: هناك العديد من المشاكل التي يعاني منها الطفل الوحيد، منها الشعور بالوحدة التي تجعله يشعر بالغيرة الشديدة وخصوصا عندما يذهب لزيارة أحد أصدقائه ويجد له إخوة يلعب معهم، وفور عودته إلى المنزل يشعر أنّه وحيد، وبالتالى يميل إلى العزلة الإجتماعيّة، ممّا ينعكس هذا على مزاجه ويشعر بالإكتئاب والقلق، يبدأ بالإكتئاب البسيط وهو عنده أربع أو خمس سنوات، ليدخل في إكتئاب شديد وهو عمره 7 سنوات، وقد يصاب بقلق الإنفصال، فيتسلّل إليه الشعور بالخوف، وتزداد نبضات قلبه، ويهمّ بالبكاء، كما أنّه يرفض الذهاب إلى الروضة، وقد يتسلّل إليه الشعور بالخوف أثناء الليل فيرفض النوم بمفرده خوفا من الظلام.
الطفل الوحيد سهل التعلّق بالآخرين، حتّى لو كان الآخر غريبا عنه، فلا يتردّد في إقامة علاقات معه، وقد يعرّضه هذا إلى الإعتداء، كما أنّ الطفل الوحيد يكون طفلاً عصبيّاً، فلا يوجد شيء أمامه يفرغ طاقاته فيه، فيبدأ أعمال التخريب في المنزل ليفرغ الشحنة الزائدة عنده، فهو ليس لديه من يلعب معه حتّى يساعده على تفريغ هذه الطاقة، وقد يتصرّف تصرفات غريبة الغرض منها لفت الانتباه السلبيّ، عن طريق العناد، وقد يكون طفلا عدوانيّا، فهو لا يفرّق بين لفت الانتباه السلبيّ والإيجابيّ.
[] البنات أكثر:
= س: وهل تختلف مشاكل الطفل الوحيد بإختلاف الجنس؟
ج: نعم، فالبنات أكثر إصابة بالأمراض والإضطرابات النفسيّة، مثل الإكتئاب، والقلق، وقلق الإنفصال، أي إذا كان عندي 6 أطفال يصاب منهم 4 من الإناث إلى 2 من الذكور، لأنّهم أكثر عاطفيّة، لذا فشعورهنّ بالوحدة ولفت الانتباه يكون أكثر حدّة من الولد، كما أنّ إختلاف الهرمونات الأنثويّة عن الذكوريّة تجعل البنت متقلّبة المزاج.
[] لا تلبّي كلّ طلباته:
= س: دكتور، أنت تعلم أنّ معظم الآباء والأمّهات لا يدّخرون جهدا في تلبية كافّة متطلّبات طفلهم الوحيد، فهل هذا الأمر صحيح؟ وبما تنصح الوالدين في تعاملهما مع طفلهما الوحيد؟
ج: طلبات الطفل المتزايدة تعني لفت الإنتباه نتيجة شعوره بالوحدة، لذا يجب على الآباء أن يكوّنوا له صداقات خارج الروضة وداخلها حتّى لا يشعر بالوحدة، وعند خروجهم للتنزّه يجب أن يصطحبوا معهم عائلات لديها أطفال ليشعر الطفل أنّه ليس وحيدا، ويجب عليهم عدم الإنصياع لتلبية كلّ مطالبه، لأنّ ذلك يعتبر تدليل زائد قد يوقعه في المشاكل النفسيّة، ولكن عليهم أن ينشئوا علاقة جيّدة معه، كأن يصطحبه الأب أو الأمّ عند زيارة أحد الأقارب، أو المعارف دون أن يطلب هو الذهاب معهما، ويجب عليهما إعطاؤه الإهتمام الكافي، لأنّ هذا سيقلّل لديه شعور الإحساس بالوحدة، وسيجد أنّه لا داعي من قيامه ببعض الأفعال الغريبة من أجل لفت الإنتباه.
كما أنّ على الأمّ أن تتعوّد أن تحكي له قصّة قبل النوم، وتعلّمه على النوم بمفرده، وعدم التعلّق بها حتّى ولو أهمّ بالبكاء، وعلى الآباء ضرورة الموازنة بين الحزم والرفق، فإنّ معظم الآباء يعاملون الطفل الوحيد بدلال زائد، وهذا قد يعرّضه إلى الانحراف في فترة المراهقة.
[] سمات معيّنة:
= س: ما هي السمات الشخصيّة التي تميّز الطفل الوحيد عن غيره؟
ج: لا توجد سمات معيّنة، وإن وجدت فهي تختلف من طفل لآخر، كأن يتعرّض الطفل بسبب الإضطرابات الشخصيّة لأن يصبح شخصيّة هيستيريّة يتخذ من البكاء وسيلته الوحيدة لجذب الإنتباه.
والطفل الوحيد قد يكون عرضة للشخصيّة النرجسيّة، أي الأنانيّة، وقد يساهم الآباء فى إرتقاء هذا الشعور عندما يعوّدونه على تلبية كلّ مطالبه، فيشعر أنّه مميّز عن الآخرين، فيكبر الطفل، وتتكوّن عنده الشخصيّة النرجسيّة.
كما أن الطفل قد يتعرّض للشخصيّة الأحاديّة -الانطوائيّة- فالطفل الذي يفتقد لحنان الأبوين وعدم الإهتمام به بسسب إنشغالهما بأعمالهما، يشعر بالوحدة، ويصبح شخصا إنطوائيّا، يرى أنّه لا داعي لتكوين علاقات مع الآخرين، ويكون بذلك لديه ضعف في مهارات التواصل مع الآخرين، وعرضة للخوف الإجتماعيّ.
[] طفل منطوٍ:
= س: هل الطفل الوحيد هو طفل منعدم الشخصيّة؟ وكيف ننمّي ثقته بنفسه؟
ج: ليس بالضرورة أن يكون الطفل الوحيد طفلا منعدم الشخصيّة، قد يكون طفلا منطويا على نفسه، وليس لديه ثقة في النفس، وقد تساهم طريقة معاملة الآباء له في كونه ذا شخصيّة منعدمة، بتلبية كافة طلباته، وبالتالي يجب على الآباء الحزم، ثمّ الحزم، ثمّ الحزم، أي عدم الإستجابة لكلّ طلباته، وأن يعلموا جيّدا أنّ الدلال الزائد يزيد من ضعف شخصيّته، ويصبح شخصا إتكاليّا لا يعتمد على نفسه، بل يجب عليهم إعطاؤه بعض المسئوليّات.
فإنّ الآباء لديهم فرصة كبيرة ليصنعوا من طفلهم الوحيد قائدا، ويطوّروا شخصيّته بإعطائه كلّ الاهتمام، ليس الإهتمام بالمشاعر، ولكن بتطويره، فيشعر بذلك أنّه متميّز، ليس تميّزاً زائفاً، ولكن من خلال إكتسابه لبعض المهارات، مثل تعلّمه لمهارات اللغة، والتواصل، فهذا يطوّر من شخصيّته ويجعله طفلاً ذا ثقة بنفسه.
[] لفت الإنتباه:
= س: وكيف يتعامل الآباء مع الطفل الوحيد العدواني؟
ج: غالبا إتجاه الطفل للعدوان يكون الهدف منه لفت الإنتباه السلبيّ، أو الإنتقام، وقد لا يستطيع الآباء التعامل مع طفلهم كثير الطلبات، فيتّجهوا للضرب أو السبّ، إلاّ أنّ إستخدام الآباء هذا الأسلوب في التعامل يُلجئ الطفل إلى الإنتقام والعدوانيّة.
وأنّ إعطاءه الإهتمام الكافي بأن يصطحبوه معهم عند خروجهم يجعل الطفل يشعر أنّه لا داعي من كثرة الطلبات للفت الإنتباه.
وأنّ إيجاد قناة للحوار بينهم وبين طفلهم وسيلة فعّاله تجعل طفلهم الوحيد صديقا لهم، فالطفل الوحيد دائما ما يكون فى حاجة إلى صديق يحكي له، وبالتالي يجب على الأمّ الدخول فى حوار صريح مع الابن، وتعويد الطفل من البداية أن يحكي لها كلّ شيء، فلو تعرّض للإعتداء سيسارع بإخبارها.
[] شخصيّة قياديّة:
= س: هل الطفل الوحيد يعاني من ضعف المهارات الإجتماعيّة؟
ج: ليس بالضرورة أن يعاني الطفل الوحيد من ضعف المهارات الإجتماعيّة، بل قد يصبح شخصيّة قياديّة، ونابغة، إذا طبّق الآباء التوازن بين الحزم والرفق، وألا يعاملوه على أنّه طفل مسكين لأنّه يشعر بذلك.
الكاتب: رشا أحمد.
المصدر: موقع رسالة المرأة.